الجمعة، 23 سبتمبر 2011

سوريا وطن لمن؟

هذا التساؤل نشرته عام 2006 .. حين كانت الحكومة الأسدية تتسلط على العباد والبلاد
اليوم أقول: سورية لينا .. ما هي لبيت الأسد

(بين الرمال الباردات سينتهي
تجوال عمرك،
لن تعود إلى ديارك،
حيث دفء الطين يحوي
جسمك المكدود من طول الفراق بعطفه).
حين زرت سورية بعد غربة طويلة، أحسست بالغربة فيها، وحسبت أن طول فترة الاغتراب، التي كثيراً ما لمت والدي عليها، هي التي جعلتني أشعر بالغربة في وطني، وكنت (أحسد) من بقي في البلد من أهلي لأنهم (ينعمون) بدفء الوطن!

الآن أتساءل: هل حقاً ينعم من بقي في سورية بدفء تراب الوطن؟
كتب صديق شاعر يوماً:
(وطني أعيش "به" وليس "عليه")
بهذا المفهوم للمواطنة، الذي يعنى بالانتماء، وحقوق الوطن والمواطن أكثر من العيش على الأرض نتساءل: كم مواطناً سورياً يعيش "في" وطنه، وليس "على" تراب وطنه؟
باختصار: سوريا .. وطن لمن؟

للإجابة على السؤال، لنستعرض النقاط التالية:
1.  الإحصاءات الرسمية التي تنشرها وزارة شؤون المغتربين على الصفحة الأولى من موقعها الإلكتروني (كأن هذه المعلومة مدعاة لفخر)، تقول ما نصه: " إن عدد المغتربين السوريين في العالم يساوي تقريباً عدد السكان الحالي في سوريا" !       
بلغة الأرقام، 50% من الشعب السوري يعيش خارج سورية !      

2.  وفي خبر عن مداولات مجلس الشعب بخصوص الخطة الخمسية العاشرة، أورد موقع (سيريا نيوز) كلاماً على لسان أحد النواب المحترمين يبدي فيه تشاؤمه من تحقيق الخطة الخمسية لأهدافها، في ضوء فشل سابقاتها، ويقول أن أفضل ما في الخطة أنها واجهت الأرقام بشجاعة وبينت أن 41% من سكان سورية فقراء !
بلغة الأرقام أيضاً، وبإضافة المغتربين إلى إجمالي السوريين نجد أن ما نسبته 20% من الشعب السوري (مقيمين ومغتربين) مصنف من الفقراء باعتراف الدولة.    

3.  في افتتاحه لحفل جمعية مكاتب الاستشارات الإدارية والاقتصادية بدمشق، صرح السيد عبد الله الدردري، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية أن شريحة أغنى 10% من الشعب السوري – وهو هنا يعني الموجودين في سورية – تستفيد من الدعم الحكومي (للسلع) أكثر باثنين وخمسين ضعفاً من شريحة 10% الأفقر. 
هنا نستنتج أن الحكومة استطاعت أن تتأكد من وجود ما نسبته 10% من الأغنياء من سكان سورية، أي أنهم يمثلون 5% من إجمالي المواطنين.      

4.  خلال الإعداد للمؤتمر القطري لحزب البعث الحاكم، تحدثت الأخبار عن وجود ما يزيد على مليوني عضو في الحزب، أي ما نسبته 6% تقريباً من إجمالي المواطنين السوريين يتمتعون بالمميزات التي يوفرها الحزب لأعضائه، وهي مميزات كثيرة لا علقة لها بالاشتراكية التي يتغنى بها الموروث الحزبي. وإذا افترضنا أن هذه النسبة تضم 1% من شريحة الأثرياء، يتبقى لنا 5% هم البعثيون الذين يعيشون حياة عادية.
ماذا تعني هذه الأرقام؟
تعني أن 70% من الشعب السوري يعيشون إما خارج البلاد أو يعانون من الفقر باعتراف الحكومة، ويعني أن 5% من الشعب يمتلكون كل ثروات البلاد ومقدراتها، و5% أخرى تستفيد من مواقعها في الحزب (القائد للدولة والمجتمع) في (تدبير أمورها) إن لم يكن في تكوين ثروات صغيرة.
والباقي؟
20% من الشعب السوري هم من يعيشون في (وطن) كسائر خلق الله !
عشرون في المائة فقط هم من ينعمون بدفء المواطنة التي نحلم بها.
قبل ثورة البعث العظيمة، كانت الطبقة المتوسطة تمثل أكثر من 50% من الشعب السوري، رغم الإقطاع والاستغلال الذي حاربه البعث ليستبدل الإقطاعيين القدامى، بقطاعي رؤوس جدد، جعلوا الشعب يترحم على (النباش الأول).
إذا كان هذا هو إنجاز البعث.. فلماذا الإصرار على البقاء متسلطاً على البلاد والعباد؟

محمود عكل



نشرته سيريا نيوز في 2/5/2006  نعم .. سيريا نيوز نفسها التي كانت مسموحة في سوريا آنذاك تحت شعار الإصلاح!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق