هذه المقالة كتبها صديق من أذكى وألطف الأشخاص الذين قابلتهم في حياتي، أعرف أنه بذل جهداً كبيراً ليتغلب على مشكلته، وأعرف أنه في المراحل القليلة التي استطاع فيها تطويق مرضه كان يبدع ويتألق في عمله، وأعرف أنني خذلته، كما خذله معظم أصدقائه وأقاربه، فلم أحاول يوماً تفهم مشكلته بشكل صحيح.
أشكر له أنه أخذ زمام المبادرة فكتب هذه المقالة الممتازة ليشرح حالته، وأرجو أن تصل لأكبر شريحة ممكنة لأنه ليس الوحيد الذي يعاني، ولن يكون الأخير للأسف.
----------------------- -------------------- ------------------------------
من أشد الأمور إيلاما وأقساها على نفس أي مريض بمرض عقلي (أو نفسي كما يسميه البعض) هو نظرة من حوله له ولمرضه. فبدلا من التعاطف والدعم والتفهم، يواجه قدرا رهيبا من الاتهام بالكفر أو قلة الإيمان، أو الاستسلام والتواني عن السعي للعلاج.
وهذه النظرة المؤلمة تأتي من الصديق والعدو، وفي المجتمعات الشرقية والغربية. وهي نتيجة لطبقات متراكمة من الجهل وسوء الفهم لطبيعة المرض العقلي (أو النفسي)، وكذلك من الخوف من المجهول. وقد تراكمت عبر قرون وأجيال متعاقبة.
ولأوضح لكم الأمر، فلنفترض أنك تجلس في مقهى تستمتع فيه بشرب مشروب منعش. فيمر أمامك ثلاثة أشخاص يعرجون. وأنت لا تعرف بمجرد النظر إليهم أن أحد هؤلاء الأشخاص قد أصيب بشوكة صغيرة تؤلمه وتسبب ألما في رجله، والعرج سيزول خلال ساعات إن شاء الله. بينما الشخص الثاني يعرج بسبب إصابة بالغة، وليس من المتوقع أن تشفى قبل بضعة أسابيع، هذا مع ضرورة الحرص على تناول المضادات الحيوية بانتظام. أما الشخص الثالث فهو مصاب بعاهة مستديمة في رجله. كما تلاحظ فإنه بالرغم أنه يبدو ظاهريا أن سبب عرجتهم واحد، إلا أن ذلك أبعد ما يكون عن الصحة.
قد يبدو لك من المناسب أن تطلب من الشخص الأول أن يتناسى الألم ويحاول المشي بشكل طبيعي، وقد تفكر في قول نفس الشيء للشخص الثاني. أما الشخص الثالث المصاب بعاهة مستديمة، فإنه من غير المنطقي أن تطالبه بتناسي مرضه والجري سريعا، أو أن تطالبه أن يتقدم لوظيفة تطلب لياقة بدنية عالية.
والآن لنتخيل أنك قابلت ثلاثة أشخاص مكتئبين. الأول حزين لأنه فقد جهاز هاتفه المحمول/الجوال (الموبايل)، والثاني حزين لأنه فقد أباه، أما الثالث فهو مصاب بمرض الاكتئاب. سرعان ما ينسى الأول حزنه بمجرد أن يشتري جهازا جديدا أو يجد جهازه المفقود. أما الثاني فلا شك سيحزن لبضعة أسابيع، ولكنه سرعان ما ينسى الأمر كذلك. ربما يحزن بعض الشيء كلما تذكر أباه. ولكن الحزن لن يؤثر بشكل مزمن على قدرته على الاستمتاع بالحياة وعلى العطاء.
أما الشخص الثالث فهو مصاب "بمرض الاكتئاب". وهو مرض كأي مرض، منه ما يمكن معالجته ومنه المزمن الذي لم يتوصل العلم لعلاجه بعد. وإن كان من المناسب أن تطلب ممن فقد هاتفه المحمول أو والده أن nينسى الأمر، فإنه من السذاجة أن تطلب من مريض الاكتئاب أن ينسى الأمر ويعيش وكأن شيئا لم يكن. فما أشبه ذلك بمطالبة المشلول بأن ينسى شلله ويقوم بالجري.
يحسب بعض الناس أن الإيمان بالله، والذكاء، والحب، والتفكير الإيجابي يحمي صاحبه من الأمراض العقلية، أو يكون كافيا لعلاجه إن أصيب بمرض عقلي. وهذا أبعد ما يكون عن الصحة. نعم، هناك الكثير من حالات الاضطراب النفسي التي يمكن علاجها بالروحانيات والحب والتفكير الإيجابي، تماما كما أن هناك الكثير من حالات العجز البدني التي قد يفيد معها ما يسمى بالعلاج الفيزيائي أو الطبيعي. ولكن هناك أيضا الكثير من الحالات التي هي عبارة عن إعاقة عقلية أو بدنية مستديمة.
ولكن ماذا عن العلاج بالقرآن والرجوع إلى الله؟ أليس ذلك كفيلا بعلاج كل أمراض النفس؟ فأقول لك، هل ترى أنه من المناسب أن تطلب من شخص مشلول أن يلجأ للعلاج بالقرآن، أم أنك ستطلب منه أن يلجأ لطبيب يعالج أعصابه أو عضلاته؟ فكذلك المصاب بمرض عقلي، إنه يحتاج لأخصائي أمراض عقلية أو عصبية لعلاجه. أعتقد أن من أهم الأسباب وراء الالتباس في فهم حقيقة المرض النفسي هو "تشابه الأسماء". فقد يبدو بديهيا أن علاج الأمراض "النفسية" يكون بعلاج "النفس" بالقرآن والروحانيات والنظرة الإيجابية للعالم ومشاكله. وهذا صحيح ولاشك لمن عنده مشكلة نفسية مؤقتة.ولكن هناك عدد كبير من حالات المرض النفسي التي من الأكثر دقة أن يتم وصفها "بمرض عقلي" أو "مرض مخي" أو "مرض عصبي" (وليس مرض نفسي). ربما هذا الوصف يجعل الناس أكثر تفهما لحقيقته. ففي الحقيقة أن الكثير من الأمراض العقلية نشأت بسبب اضطراب في وظائف العقل أو المخ، وليس عن سوء فهم للأولويات في الحياة، أو للارتباط بالشيطان والبعد عن الله.
نعم هناك حالات تحدث معها المعجزات ويتم فيها الشفاء بقدرة الله من أمراض مستعصية، وبوسائل لا يستطيع البشر إدراكها كقراءة القرآن أو شرب ماء زمزم أو غير ذلك. ولكني أظنك تتفق معي على أنه من الظلم أن نتهم من أصابه الشلل (أوالإعاقة من أي نوع) بالكفر أو ضعف الإيمان، لمجرد أنه قرر أن يتعايش مع إعاقته وعجزه بالقبول، وقرر التوقف عن البحث عن علاج لما لا يمكن علاجه. أظنك تتفق معي أنه إن كانت الإعاقة دائمة، فأفضل ما يقوم به المعاق أن يركز جهده على تعلم العيش مع الإعاقة والتكيف معها، بدلا من التعلق بآمال وهمية في الشفاء من إعاقة دائمة أبدية. هذا لا ينفي أهمية تجربة وسائل جديدة للعلاج إن ظهرت، ولكن يجب أن يكون التركيز وغالبية الاهتمام والتفكير منصرف للتكيف مع الوضع الحالي.
من المؤسف فعلا أنه لا يزال هناك من ينظر للمريض العقلي على أنه مذنب. ويتم إتهامه بأنه لبعده عن الله وبنظرته السلبية للحياة وبتقاعسه عن مساعدة نفسه، تسبب في تعاسة نفسه.
لقد عشت أكثر من 20 سنة أعاني بصمت من الاكتئاب ولم يشعر أحد ممن حولي بمعاناتي. فقد كانت الأدوية كفيلة بعلاج الخلل (إلى حد كبير) في كيمياء مخي. ولكن منذ حوالي سنتين بدأت حالتي بالتدهور ولم تعد أي أدوية تفيد نفعا. فلجأت للجلسات الكهربائية، ولكنها كذلك لم تفيد. فاضطررت لترك عملي، وأصبحت أعيش وأولادي على الإعانات المادية من الأخرين. ولا يستطيع تصور الإحساس بالفقر إلا الفقير. ولايستطيع إحساس من وجد نفسه فجأة فقيرا إلا من مر بهذه التجربة المريرة المؤلمة جدا. "ارحموا عزيز قوم ذل".
ووجدت أن هناك الكثير من المعالجين الذين ينصحون المرضى بإعلام أصدقائهم وأقاربهم بحالتهم. ومن المفترض أن هؤلاء المعارف سيقدموا الدعم المناسب ويتفهموا حالة المريض. ولكن ما حدث معي (ومع كثير من المرضى الأخرين) هو أنني تلقيت قدرا كبيرا من النصائح الساذجة. وبالرغم أنني على يقين بأنها كلها نابعة من حب وإخلاص وحرص على فائدتي، إلا أنها كانت كلها ضارة وأتت بنتائج عكسية على حالتي العقلية. فلقد سببت لي مزيدا من الإحساس بالعجز والذنب.
ومن المؤسف أن الإحساس المبالغ فيه بالذنب هو من الأعراض الشائعة المصاحبة للاكتئاب. فكانت ردود فعل من حولي تزيد من هذه المشكلة وتزيد من إحساسي بالذنب. فكلما سمعت نصيحة تنصحني بممارسة الرياضة أو قراءة القرآن أو الخروج من المنزل أو غير ذلك، عندما أسمع هذه النصائح ولا أستطيع تنفيذها لعجز عقلي عن الاستجابة لتأثيراتها الإيجابية، يزيد إحساسي بالذنب وكرهي لنفسي ورغبتي في عقاب نفسي.
أرجو أن أكون قد استطعت أن أوضح لك أن الاكتئاب المرضي المزمن هو ليس مجرد حالة حزن مؤقتة لسبب مؤقت، وأنه لا يمكن علاجه بمجرد الرجوع إلى الله أو ممارسة الرياضة أو النظرة الإيجابية للحياة.
ولكن ما هو إذا الاكتئاب المرضي؟ وللإجابة على هذا السؤال، أحب أن أسألك، هل فكرت يوما إن كان ما تراه يوميا وبشكل متكرر من ألوان هي نفس الألوان التي يراها الضفدع أو الغزال أو السمكة أو المصاب بمرض عمى الألوان؟ ما تعودت أنت على رؤيته بشكل متكرر وبدون أن تتسائل عن صحته أو حقيقته أو كونه واقعا أو خيالا، أراه أنا بشكل مختلف تماما. وقد أثبتت الدراسات الحديثة وجود اختلافات واضحة بين وظائف وقدرات المخ السليم والمخ المصاب بالاكتئاب.
عقلك "السليم" يرى في المواقف السعيدة والإنجازات المختلفة أسبابا للسعادة والرضا عن النفس والرغبة في مزيد من العطاء والعمل وحب الحياة. ولكن عقلي "المريض" يرى كل هذه الأمور بشكل مختلف تماما. فكما أن الشخص المصاب بعمى الألوان يجد صعوبة في التمييز بين بعض الألوان أو يعجز عن رؤية بعضها، فأنا كذلك لا يستطيع عقلي ترجمة الأمور بنفس الشكل الذي يترجمها به عقلك. نعم، هذه هي الحقيقة المرة!!!
أنت تحاسبني بناءا على افتراضية أن عقلي لديه نفس القدرات التي يتمتع بها عقلك. وقد أبدو لك طبيعيا ولست مصابا بأي قصور في الذكاء، ولكن هناك أجزاءا من عقلي لا تعمل كمثيلاتها عندك. فلتعتبرني ضفدعا أو شخصا مصابا بعمى في الألوان أو مصابا بخلل عصبي خفي لا تستطيع أنت أن تراه. فعقلي لا يرى السعادة سعادة، ولا الحب حبا. إنه لا يستجيب لهرمونات السعادة بالشكل الذي يستجيب لها عقلك. وعندها ستدرك أنه ليس من العدل أن تنتظر مني أن أفهم أو أدرك أي سبب للسعادة.
والمشكلة الأعظم أنني (في كثير من الأحيان) لا أستطيع إدراك أنني مختلف. وبالتالي لا أدرك أن نصائحك الغير مناسبة لحالتي ينبغي تجاهلها (لكيلا تؤثر علي سلبا). بل أحس بالذنب لتقصيري وعجزي عن تنفيذ نصائحك، وأحس أنني مقصر وكسول ولا أقوم بما يلزم من خطوات إيجابية لعلاج نفسي. بل يقودني عقلي المريض أن أؤذي نفسي وأفكر في الانتحار لأعاقب نفسي على أخطائها الفادحة (النابعة من إحساسي المرضي والمبالغ فيه بالذنب).
قال يوما أحد الحكماء ما معناه: كلنا عباقرة، ولكن إن قمت بتقييم قدرات السمكة بتقييم قدرتها على تسلق الأشجار، فستعتبرها عاجزة وغبية.
والسؤال الأخر الذي قد يخطر ببالك لماذا لا أتجاوب معك عندما تدعوني للخروج أو للقيام بأي نشاط؟ في الحقيقة إن عقلي يصعب عليه الاستمتاع بأي نشاط. كما أنني أجد صعوبة شديدة للبدء بأي نشاط. ربما تحس أنت أحيانا بأنك تحتاج إلى بعض المجهود لتدفع نفسك للبدء في ممارسة بعض الأنشطة. أما أنا فأنا أحتاج إلى مليون ضعف مما تحتاجه أنت من المجهود. ثم أحتاج لكثير من المجهود لأحاول أن أستمتع ولو قليلا بممارسة نشاط ما أو حتى بتناول طعام ما.
ولكن من الغريب أنني أحب أن تتصل بي وتدعوني لزيارتك أو تشرفني بزيارتك لي. ولكني للأسف لا أستطيع قبول الدعوة في كل مرة. فتمر علي أيام أكون فيها بحال جيدة نسبيا، وأخرى أكون فيها بحال سيئة، وأخرى أكون فيها بحالة سيئة جدا. وفي هذه الحال الأخيرة ربما لا أستطيع حتى الرد على اتصالك الهاتفي. وبالرغم من ذلك أكون مقدرا وشاكرا لك اتصالك، ولكنني لا أستطيع الحديث والتواصل معك من شدة الإحساس بالاكتئاب والحزن والألم النابع من اختلال في كيمياء مخي. ففي هذه الأيام يبدو كل ما في العالم مختلفا تماما، ولا يمكن لأي إنسان طبيعي يتمتع بصحة عقله أن يرى العالم بالشكل الذي أراه أنا به.
ولعلك بعد هذا الشرح المطول جدا والعميق بعض الشيء للاكتئاب ولمشاعري وظروفي، لعلك الآن تتسائل وتستعجب كيف أدعي الجنون وفي ذات الوقت أستطيع توضيح الأمور بهذا الشكل التفصيلي الدقيق!؟ أو ربما تقول هذا كلام شخص مريض فعلا ولكن ليس بالاكتئاب، وإنما بعدم النضج وبالطفولة المتأخرة.
لا ألومك في تحليلك هذا. ولكن أحب أن أوضح لك أنه من عجائب مرض الاكتئاب أن المريض قد يكون ناجحا (بل ربما متفوقا) في بعض نواحي الحياة (رغم مرضه العقلي). وكأن قدراته العقلية تركزت في ناحية ما فأبدع فيها، وخبت في ناحية أخرى فأثرت على إحساسه بالسعادة والحياة. والأعجب من ذلك أن تفوقه قد يكون في فهم النفس البشرية وتنميتها. فقد يكون لديه الكثير من العلم والدراية بخبايا النفس البشرية وبعلوم التنمية البشرية، بل وقد يستطيع أن يدرس هذه العلوم ويقدم المساعدة للأخرين ويأخذ بأيديهم لتحقيق السعادة في الدنيا والعمل للأخرة. ولكن ومع كل هذا، يعجز عقله عن تطبيق ذلك على حياته الشخصية.
قد يبدو لك الموضوع وكأنه نوع من النفاق. وربما لا يكون هذا التشبيه ببعيد عن الحقيقة. فالاضطراب العقلي يمكن أن يظهر للبعض في شكل شخصية منافقة، وذلك نظرا للإضطراب والتناقض الحاصل في بعض وظائف المخ. ويحضرني في هذا الصدد الممثل الأمريكي الكوميدي الشهير (روبن ويليامز) الذي مات منتحرا بعد معاناة طويلة مع الاكتئاب (فيما نشر عنه). وأول ما يخطر ببالك، كيف يكون ممثلا كوميديا ويعاني من الاكتئاب!!! لقد عاش يقدم للكثيرين الابتسامة والسعادة، بينما كان يتألم في صمت لوحده (فيما أظن).
أرجو أن يساهم هذا المقال في التخفيف من الإحساس بالعار لدى المرضى أمثالي. والتخفيف من الإحساس بالعار لدى أقارب المرضى ومعارفهم. ولا أظنني أستطيع (مهما حاولت) وصف بشاعة الصدمة وشدة الألم الذي أصابني من ردة فعل أحد الأقارب عندما صارحته بمرضي. فقال لي "ليتك لم تخبرني". وطلب مني أن لا أذكر هذا الأمر لأي من معارفه. لن أحدد لكم طبيعة القرابة لكي لا تتعرفوا عليه أو علي، ولأجنبه العار الذي سيلحق به عندما يعرف معارفه بأن له قريب مصاب بمرض عقلي. ولنفس السبب فلن أوقع على هذا المقال باسمي، لأجنب أقاربي العار في حال انتشار هذا المقال بين الناس المحيطين بي.
وأرجو أن يساهم هذا المقال في إيضاح أن المرض العقلي ليس نتيجة لبعد المرء عن ربه أو لتقصيره في الاهتمام بممارسة الرياضة أو لعدم فهمه لأولويات الحياة وسبل الوصول للسعادة، وإنما هو اختلال كيميائي في مكونات المخ، ويحتاج إلى علاج طبي مثله مثل أي مرض أخر.
ولا أستطيع أن أنهي هذا المقال الطويل دون التعبير عن عميق امتناني وشكري لزوجتي الحبيبة والتي قدمت لي كل الدعم. وربما كانت الشخص الوحيد الذي لم يقدم لي نصيحة واحدة. نعم، هذا هو كل ما أريده "عدم تقديم النصائح". زوجتي "تحسن الاستماع" لما أقول لها. ولكنها "لا تحاول تقديم الحلول". وهذا هو كل ما أنتظره منك "مجرد الاستماع" والدعاء. أنا لا أنتظر منك أن تناقشني في مضمون هذا المقال. وأرجو منك ألا تصر على محاولة تقديم النصح لأن ذلك يزيد حالتي سوءا. أرجو منك أن تساعدني بالطريقة التي تفيدني، وهي كما ذكرت أعلاه حسن الاستماع والدعاء.
والمشكلة الأعظم أنني (في كثير من الأحيان) لا أستطيع إدراك أنني مختلف. وبالتالي لا أدرك أن نصائحك الغير مناسبة لحالتي ينبغي تجاهلها (لكيلا تؤثر علي سلبا). بل أحس بالذنب لتقصيري وعجزي عن تنفيذ نصائحك، وأحس أنني مقصر وكسول ولا أقوم بما يلزم من خطوات إيجابية لعلاج نفسي. بل يقودني عقلي المريض أن أؤذي نفسي وأفكر في الانتحار لأعاقب نفسي على أخطائها الفادحة (النابعة من إحساسي المرضي والمبالغ فيه بالذنب).
أخي وأختي القارئة...
أنت لا تعرف ما يحس به المصاب بمرض الاكتئاب ولا مقدار المعاناة التي يعانيها. لذلك أرجو أن تعذره إن قرر إنهاء حياته.
وأختم مقالي هذا بأن أنقل لكم الفتوى التالية، وهي للشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله:
" فالانتحار من أقبح الكبائر، لكن عند أهل السنة والجماعة لا يكون كافراً، إذا كان مسلماً يصلي معروف بالإسلام موحداً لله -عز وجل- ومؤمناً به -سبحانه- وبما أخبر به، ولكنه انتحر لأسباب إما مرض شديد وإلا جراحات شديدة، وإلا أشبه ذلك من الأعذار، فهذا الانتحار منكر، وكبيرة من كبائر الذنوب، ولكنه لا يخرج به من الإسلام إذا كان مسلماً قبل ذلك، لا يخرج به الانتحار من الإسلام، بل يكون تحت مشيئة الله -سبحانه وتعالى- كسائر المعاصي، إن شاء الله عفا عنه وأدخله الجنة بإسلامه وتوحيده وإيمانه، وإن شاء ربنا عذبه في النار على قدر الجريمة التي مات عليها، وهي جريمة القتل. ثم بعد التطهير والتمحيص يخرجه الله من النار إلى الجنة، فينبغي لوالدته أن تدعو له كثيراً، وأن تترحم عليه كثيراً، وأن تتصدق عنه كثيراً، لعل الله يلطف به، ولعل الله يرحمه إذا كان مسلماً. أما إذا كان ليس بمسلم: لا يصلي، أو يستهزئ بالدين، أو يعبد القبور، ويتعلق بالأموات، ويدعو الأموات، ويستغيث بهم، هذا لا يدعى له، وليس بمسلم في الظاهر، فأمره إلى الله -سبحانه وتعالى-. نسأل الله السلامة والعافية. بارك الله فيكم وجزاكم الله خيراً."
مصدر الفتوى أعلاه:
http://www.binbaz.org.sa/mat/11917
------
حكم الصلاة على قاتل نفسه:
http://m.islamweb.net/index.php?page=showfatwa&id=2386
------
إخلاء مسئولية:
حاولت في هذا المقال أن أصف معاناتي. وأعتقد أن وصفي ينطبق على كثير من المصابين بأمراض عقلية مزمنة. ولكن إن كنت تعاني من أي مشاكل نفسية أخرى، فأرجو منك أن تبادر باستشارة متخصص بأسرع ما يمكن. أغلب حالات الإضطراب النفسي يمكن التعامل معها والسيطرة عليها في حالة التشخيص والعلاج المبكر. كما ينبغي لك محاولة جميع طرق العلاج المتاحة كممارسة الرياضة والتفكير الإيجابي والأدوية المناسبة لحالتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق