السبت، 30 مارس 2013

رامة .. ضد النظام

رامة - حفظها الله لوالديها وأقر عيونهما بها - ابنة عديلي .. طفلة رائعة، كانت منذ صغرها معروفة -مثل كل الأطفال شديدي الذكاء- بالنشاط وحب الحركة، والمشاغبة، حتى أن أولادي يهددوني بها: إذا لم تسمح لنا أن نبقى في بيت خالتي سوف نحضر رامة لتزور عندنا .. طبعاً كنت أوافق سريعاً، فوجود رامة يعني أن لا ينام أحد في البيت.

هي الآن في الثامنة، أصبحت أكثر اتزاناً وهدوءاً، وبدأنا نكتشف موهبتها في الشعر، والرسم، والأهم من ذلك: وطنيتها الصادقة التي لا يمكن أن تغيب عن من يتحدث معها ولو لدقائق.




رسومات رامة كلها عن الثورة السورية، ومع أنها تحاول كتابة قصائد لوالديها أو إخوتها، إلا أن معظم ما تكتبه للثورة أيضاً .. 
في أمسية من حوالي شهر، وكانت المرة الأولى التي أراهم فيها بعد طول غياب، أسمعتني رامة بعضاً من قصائدها، وسجلتها .

هذه رامة البطلة .. نموذج من بنات وأبناء هذا الشعب الذي أقسم أن لا يذل للطاغية، ونحن بإذن الله منصورون بهم، مهما تآمر علينا العالم.




الثلاثاء، 26 مارس 2013

خطوة تأخرت سنتين

احتاجت جامعة المهل العربية سنتين كاملتين، مائة ألف شهيد، ملايين المشردين واللاجئين، ودماراً تتجاوز كلفته مائة مليار دولار، كي تدرك أن نظام الأسد الغاصب للسلطة فقد شرعيته.

لا بأس .. أن تصل متأخراً خير من أن تبقى داعماً للطاغية على أمل أن ينتصر على شعبه، ويخنق معارضيه.

لحظة تاريخية بحق يا سوريا .. نسأل الله أن يجنبنا الشقاق، ويحفظ بلدنا من الفتن بين المجاهدين بعد سقوط الطاغية .. القريب إن شاء الله.

كلمة الشيخ معاذ كانت أكثر من رائعة، جعلتني أنسى توقيت استقالته التي كادت تصيبني بالجلطة عندما أعلنها.. 
الشيخ معاذ أعلن بزوغ عهد جديد من الخطاب العربي لم تألفه القمم، لكنها لن تتجاوزه مستقبلاَ - فيما أظن - لأنه ينقل لسان حال الشعوب، التي طالما رأت أن القمة لا تمثلها.







 




الجمعة، 22 مارس 2013

رحل البوطي

حكايتي مع هذا الرجل غريبة، كلما تعرضت لموقف يذكر فيه اسمه تقفز إلى ذهني آية كريمة تحكي ما أحسه تجاهه.

المرة الأولى كانت بعد بداية الثورة بأقل من ثلاثة أشهر، يومها كتبت:

وتلقيت عتب الكثيرين علي لأنهم ما يزالون مسجونين في وهم أنه عالم، ووهم أكبر أنه لا يصح انتقاد العلماء.

بعدها، شاهدت مقطعاً له يصول ويجول على المنبر، مدافعاً عن الجيش السوري، ومتهماً الثوار بالتآمر على البلد، ويقسم الأيمان المغلظة ليقنع المصلين بقوله، فتبادرت إلى ذهني الآيات الكريمة من سورة البقرة:

واليوم .. إذ أعلنوا خبر مقتله، لم أستطع الترحم عليه، بل تمتمت بصوت مرتفع بالآية الكريمة من سورة الأعراف:
ونَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ (44)

ولا أدري من أيهما يكون، فعلم ذلك عند مقلب القلوب، لكن العبرة أن الموقف الأخير لا زيف فيه ولا تزوير .. يجد كل فريق ما وعد ربه حقاً.

اللهم ثبتنا ولا تفتنا، واهدنا ولا تضلنا، واستعملنا ولا تستبدلنا، وكن معنا في كل آنٍ ، وألهمنا العمل الذي يرضيك عنا، وأصلح نياتنا فيه وتقبله منا.

الجمعة، 15 مارس 2013

يا أحيمق .. أنت تعرف نفسك

تذكرت هذه الكلمات للحسن البصري، وكنت قرأتها من سنين طويلة، تذكرتها وأنا أقرأ خبراً عن ثمانمائة محامٍ من محامي حلب سجلوا أنفسهم في قوائم الانتظار للمعونات الغذائية لأنهم لا يجدون ما يقيمون به أود عيالهم.
أهديها لكل من يبحث عن المشروبات الغازية ليهضم الوجبة الدسمة، وأذكره أن كفالة يتيم بطعامة وكسوته تكلف 200 ريال سعودي شهرياً ..

يقول الإمام الحسن البصري رحمه الله:

ويحنا ماذا فعلنا بأنفسنا؟

لقد أهزلنا ديننا , وسمنا دنيانا....

وأخلقنا(1) أخلاقنا, وجددنا فرشنا وثيابنا....

يتكى أحدنا على شماله , ويأكل من مال غير ماله ...

طعامه غصب.....

وخدمته سخره(2) .... 

يدعو بحلو بعد حامض.....

وبحار بعد بارد......

وبرطب بعد يابس......

حتى أذا اخذته الكظة (3) تجشأ من البشم (4) ثم قال :

ياغلام.....

هات هاضوما يهضم الطعام.......

يا أحيمق 

_ والله _ لن تهضم إلا دينك....

أين جارك المحتاج؟

أين يتيم قومك الجائع ؟

أين مسكينك الذي ينظر إليك؟

أين ما وصاك به الله عز وجل؟

ليتك تعلم أنك عدد....

وأنه كلما غابت عنك شمس يوم نقص شيء من عددك....

ومضى بعضك معه ....

___________________
(1) أخلقنا أخلاقنا : أبلينا أخلاقنا .
(2) السخرة : العمل قهرا وبلا اجر.
(3) الكظة : ما يعتري الإنسان عند الامتلاء من الطعام من الضيق والألم .
(4) البشم : التخمة

الاثنين، 4 مارس 2013

أمريكا تدعم المدنيين السوريين

أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها أنها ستقدم ما قيمته 60 مليون دولار من المساعدات للثوار السوريين ليس فيها سلاح. وهلل الكثيرون لهذا الكرم الكيري/الأوبامي واعتبره بعضهم ستاراً لتقديم معونات عسكرية حقيقية للثوار على الأرض.
شخصياً أعتقد جازماً أن ما أعلنوا عنه كذب –مثل غيرهم من الأصدقاء وكثير من الأشقاء- وليس هذا استنتاجاً مني أو اجتهاداً مبنياً على التاريخ (الناصع) للولايات المتحدة مع الحريات في الدول الإسلامية، بل هو نتاج تجربة شخصية موثقة لدي.

في نهاية شهر يناير الماضي خرجت عائلة سورية صغيرة من حلب إلى كيليس التركية لعلاج الأم في المستشفى هناك، ولما طال الأمر احتاجوا إلى الإقامة في بيت يؤويهم بعد أن أثقلوا على معارفهم. ولحالتهم المادية المتعثرة مثل كل الفارين من جحيم الأسد بدأ السوريون الموجودون في كيليس العمل على مساعدتهم واتصل بي صديق طالباً المساهمة في استكمال مبلغ الإيجار.
كان المبلغ المطلوب أقل من ألف دولار أمريكي فقمت بتحويله عن طريق بنكي في الرياض إلى صديق سوري في إسطنبول وكتبت في تعليمات التحويل أن المبلغ يخص صديقنا المشترك في كيليس والذي لا يملك حساباً بنكياً كونه من اللاجئين كذلك، وأنه للأقارب في كيليس. تعمدت كتابة التفاصيل رغم تفاهة المبلغ لأنني سمعت سابقاً عن اعتراض التحويلات المالية التي تتم لحسابات السوريين في تركيا والتضييق عليهم لأتجنب تعطيل التحويل وهم في حاجة إليه.
بعد أسبوع اتصل بي أحد موظفي البنك وطلب مني المعلومات الكاملة لكل من صاحب الحساب وصديقنا الثالث، شاملة الاسم كما هو في جواز السفر، تاريخ الميلاد، العنوان، والغرض من التحويل. ولأنني تعلمت إطاعة الأوامر أرسلت المعلومات الكاملة لهم فوراً.

بعدها بأسبوع اتصل بي الموظف ليطلب نفس المعلومات، أخبرته أنني أرسلتها سابقاً، فطلب إعادة إرسالها لأن البنك المراسل في أمريكا يقول أنه لم يستلمها. طبعاً كنت قد تدبرت أمري وأرسلت المبلغ عن طريق صديق مسافر إلى تركيا فطلبت من الموظف إلغاء الحوالة وإعادة المبلغ لحسابي، وأرسلت طلباً رسمياً للبنك بناء على طلبه.
استغرق الأمر أسبوعاً آخر ليتصل بي البنك طالباً معلومات إضافية تشمل العنوان في سوريا، وسبب الإقامة في تركيا، والمهنة في تركيا للمستفيد من التحويل. عندما أخبرته بأنني ألغيت التحويل أجابني أن البنك المراسل يحتجز المبلغ ولن يعيده قبل الحصول على هذه المعلومات. أرسلت المعلومات مرغماً وانتظرت أسبوعاً رابعاً ليرجع المبلغ إلى حسابي –بعد أن اقتطعوا منه أجورهم- مع رسالة واضحة تقول: ألغيت الحوالة لتعارضها مع سياسات الحكومة الأمريكية ضد سوريا. وبالنص الإنجليزي (Conflict with US Government Against Syria)

يعني بشكل واضح، هم يعرفون أن المبلغ مرسل إلى المعارضين لأنه مرسل إلى تركيا وليس إلى لبنان مثلاً، ويعرفون أنه مرسل إلى لاجئين لا يجدون ما يؤويهم أو يقيم أودهم لأنهم طلبوا كافة المعلومات اللازمة، ومتأكدون أنه مبلغ لا يفيد شيئاً على الصعيد العسكري لو كان الأمر ستاراً لدعم العسكرة، ومع ذلك يصرون على احتجازه وتعطيله لزيادة المعاناة على المعارضين السوريين السلميين!!

هل نتوقع من هؤلاء أن يدعموا فعلاً أي تحرك ضد نظام الأسد.
هم كاذبون، وهم يدعمون نظام الأسد سراً بشكل مباشر وعن طريق حلفائهم القذرين، وسيبقون كذلك حتى يسقط.. وهو سيسقط قريباً إن شاء الله.
(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)