الأربعاء، 16 يناير 2013

ليلة قاهرية

أضناني الشوق إلى مصر .. لم يحبسني عن المحروسة إلا اضطراري للسفر إلى حلب، فما عاد في وقتي الضيق أصلاً ما يكفي لزيارة المحروسة.
هذه القصيدة كتبتها في القاهرة، قبل أكثر من سنتين، وكنت منشغلاً عن نشرها بتتبع أخبار الثورات، والمشاركة في بعضها، ولكن .. يأبى حنيني للمحروسة أن يتركها طي الأدراج (أو الهاردديسكات) .

ليلة قاهرية
على الركن من شارع الأزهرِ
وحيداً أسيرُ
بكفّيَ أمسكُ
همهمةَ القاعدينَ الرصيفَ
ثيابهمُ السودُ كانتْ
بعهدٍ مضى
ذات لونٍ
عيونهمُ
معلقةٌ
بباب حديدٍ
لمشفى الحسينِ
أتَوا من بعيدٍ
ليقتعدوا البابَ
منتظرينَ قدوم بشيرِ
شفاءِ الحبيبْ
....
أُحركُ كفّي
فتمسكُ دمدمةً من عجوزٍ
تبيع المناديلَ للعابرينْ
أبى يشتري واحدٌ منهمُ
فتشتمهُ
بصوتٍ خفيضٍ
وعينٍ كسيرة
.....
أسيرُ قليلاً
يهدهدني صوت مئذنةٍ
يجيء شجياً
يهدهدني..
 ثم يستلّني
ويغسلني من بقايا العكارة
فأخطو
إلى ساحة الأزهرِ
ترفُّ الحماماتُ مستبشراتٍ
بفيض المصلينَ
يعلو .. ويعلو
يغطي على ضجة القاهرة
هنا
عابد .. راكع .. ساجدٌ
وطالب علمٍ
من الشرق جاءْ
وسائحة ذات شالٍ معارٍ
لزومَ الحياءْ
هنا قارئٌ من مجيدي الغناءْ
يرنّم آي الكتابِ بلحنٍ
شديدِ الذكاءْ
يرى؟
أم ضريرٌ؟
يرانا بعينينِ مقفولتينِ
فيرتفع الصوتُ
عبر السماءْ
هنا الشيخ في الدرسِ
يجلس أعلى
ليسمعَ منه المريدُ المزيدْ
عن الكون خلقاً وبدءاً
لماذا؟
وأين سنمضي؟
يقول .. يعيدْ
يهزّ المريدون هاماتِهمْ
ويمضون نحو زحام الطريقِ
بعزم جديدْ
أحرك كفي
لأنفضَ عنها بقايا الكلامِ
كما نفضَ السامعون الرؤوسْ



أحركها،
تارة .. ثم تارة
فتسحبني
طَرَقَاتُ النحاسِ
لخانِ الخليلي
لقلب المغارة
أرى الكنزَ
والسائحينَ / الكنوزَ
وكل اللصوصِ
هنا أو هناكَ
بكل اللغات يقولونها:
وقعتَ .. وقعتَ
وأُقفلَ دونكَ باب المغارة
...





وتهتز كفي
على الدندنات العِذابِ
تعالتْ
من (التّخْتِ) شرقيةً
كالحريرْ
تعالتْ تنادي بلحنٍ قديمٍ
أيا من يريد السماع تعالْ
نُدامى .. وشايٌ
ونكهة ماوردِ
حيّ الماوردي
بماءٍ زُلالْ
أغنية من زمان جميلٍ
وضربة دف
ورقصة عود
وسحر حلالْ
بمقهى (نجيبٍ) تُلاقي الصحابَ
فيصفو الزمانُ
ويحلو المقالْ
...
هي القاهرة
- كما قال سيد حجاب -
هي الآسرة ،
الطاهرة،
الفاجرة
هنا
في ثنايا الدروب تضوع
عطورُ البخورِ،
مخلّطةً بدموع الخطايا
ورقص الدراويشِ في (مِدحةٍ)
لجنابِ النبي




هنا اللون يُمسَكُ
والرائحة
هنا الصوتُ يُلمسُ
والشائعة
هنا كل شيء
يُباع ويُشرى
هنا كل عهدٍ
يبيدُ ويبقى
هنا درة الأرض
بالقاهرة.

20/06/2010
القاهرة

الصور من أعمال شقيقي رضوان عكل، وهي على الترتيب: الجامع الأزهر - شارع المعز - جامع السلطان حسن



أنشودة -ثانية- للمطر

من أرشيفي القديم الذي يلح علي كثير من الأهل والأصدقاء لتوثيقه، خصوصاً وأن ما نشرته منه في أماكن متفرقة يتعرض للسرقة وينشر بأسماء آخرين.
أنشودة المطر الثانية كتبتها بعد أيام من إعلان الحرب الأمريكية على العراق في يناير 1992 ، ومع موقفي الرافض لاحتلال الكويت، ورأيي الذي لم يتغير في أن صدام طاغية مجرم دمر شعبه قبل غيره، لكن الإحساس الذي اجتاحني وزملائي في الجامعة آنذاك كان أكبر من أي إحساس .. إحساس بالعار لم يفارقنا من ذلك الحين.

أنشودة – ثانية – للمطر

إلى: بدر شاكر السياب

كانونُ جاء بلا مطرْ
كانونُ مرّْ
والأرضُ، والنخلاتُ،
والبئر العميقهْ
والشارع المخنوق بالإسفلتِ
والدار العتيقهْ
ومضارب البدو التي قد هدَّها طول الظما
عطشى تفتش عن مطرْ
حتى قبور الميتين بأرضنا
تشتاق رائحة المطرْ

كانونُ مرَّ ولا مطرْ

**************

وأنا هنا

وحدي على الأطلال واقفْ
أسترجع الماضي البعيدَ
ودمعي الهتان نازفْ
لا صاحب يصغي إليّ
تذرُّ أحلامي العواصفْ
والياسمينة صوحت أزهارها
ما عاد يسقيها المطرْ
وتسائل القمرَ المحلق في السما:
كانون مرَّ بلا مطرْ
أيّانَ يأتينا المطرْ ؟

***************

يا يوم عموريةٍ
يا موطن الكبْرِ الأشمّْ
خمسون عموريةً مرَّتْ
وما من معتصمْ
خمسون عموريةً للرومِ
تسقينا الندمْ
الرومُ داسوا عزّنا
ما عاد من كبْرٍ أشمّْ
ما زال شاعرنا يصيحُ
يلحُّ من بطنِ العدمْ:(السيف يصدق لا القلمْ،
السيف أصدق من قلمْ)

يا صاحبي،
ما عاد لي سيفٌ هنا
أسيافنا بيد العجمْ
الروم قد جمعوا السيوفَ جميعها
الروم تحكم أرضنا
تغتال جهراً فكرنا
حرقوا الأقاحيَ والزّهَرْ
سرقوا رفات جدودنا
سرقوا الندى
سرقوا المطرْ

الروم قد سرقوا المطرْ

أوَما ترى ..
كانونَ مرَّ بلا مطرْ؟

************

أوَّاهُ يا ليلَ العراقِ
ويا مواويل الشجنْ
يا نخلةً تسمو وتعلو
لا تضعضعها المحنْ
لا تنحني ..
لا تنثني
لا ذلَّ يعرو كبرها
تبقى – وإن جارَ الزمانُ – عزيزةً
تعطي بنيها خيرها
تمراً تجودُ
وعزةً
هي وحدها يسقي مغارسها المطرْ
حتى وإن عن غيرها
كانونُ قد حبس المطرْ
فغداً
لأجل عيونها
كُرمى لعزة كبْرها
آبٌ سيهديها المطرْ

الثلاثاء، 15 يناير 2013

أبطال جامعة حلب .. جامعة الثورة

ارتكب النظام المجرم اليوم مجزرة جديدة في جامعة حلب، راح ضحيتها عشرات الشهداء والجرحى .. لا أملك العدد بالتحديد فلم تنته عمليات الإسعاف حتى الآن.
 
لماذا يستهدف النظام جامعة حلب بصاروخين؟؟ لأنها كانت مقر تفجير الثورة في حلب التي يوشك أن يطر منها شر طردة.
 
كنت قد قابلت العشرات من أبطال جامعة الثورة، كما أصبح يطلق عليها، في حلب خلال الأشهر الماضية، بعضهم متطوع في الجيش الحر، بعضهم يعمل في الإغاثة، وبعضهم ما زال يحمل روحه على كفه ويحاول إزالة الخوف من نفوس السكان الباقين في الأحياء التي يسيطر عليها النظام.
 
أحد هؤلاء الأبطال حضر معنا مؤتمراً في إسطنبول وتحدث عن جامعة حلب ودورها في إشعال فتيل الثورة في المدينة السورية الأكبر، والتي تأخرت عن شقيقاتها.
طلب إطفاء الضوء ليعرض هذا الفيديو القصير الذي يختصر الحكاية، وعند إضاءته بعد انتهاء الفيديو، كان معظم الحاضرين يمسحون بقايا الدموع، لأننا سمعنا من بطلنا - ومن غيره- ما كان زبانية النظام يفعلونه بهؤلاء الأبطال، ومع ذلك لم يتراجعوا.
 
 
 
لهذا النظام المجرم نقول: سنحاسب كل من يدافع عنك على هذه الجرائم، وحلب لن تنكسر .. حلب ستبقى شوكة في عيونكم.

الخميس، 10 يناير 2013

تبادل الأسرى

مبادلة النظام السوري للمعتقلين السوريين الموجودين لديه بالإيرانيين المأسورين لدى الجيش الحر لم يترك مجالاً لأي حمار منحبكجي يمكن أن يقول بأن الأسد وطني ويحمي البلد من التكفيريين وهو لا يتحكم بالأمور بشكل كامل .. إلى آخر الأسطوانة المشروخة التي يرددها المنحبكجية، وهم للأسف لا زالوا يظهرون بكثرة في حياتنا.

النظام أفرج عن معتقلين يفترض أنه اعتقلهم لأنهم إرهابيون، فإذا بمعظمهم من الشيوخ والنساء .. أي إرهابيين هؤلاء؟

ثم .. كيف يفرج عن الإرهابيين الذين يخربون الوطن في مقابل الإفراج عن إيرانيين؟؟ ألهذه الدرجة وصل به الاهتمام بالضيوف؟

الأسد بهذه الصفقة أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنه (صبي قهوة) يعمل عند المعلم خامنئي وهو يمثل رأس القوات الإيرانية التي تحتل سوريا .. ما نعيشه اليوم هو التعامل مع قوة احتلال إيراني تخرب البلد وتقصف سكانه العزل بالطائرات والصواريخ، مما يجعل من كل إيراني مؤيد لنظام بلده هدفاً مشروعاً لنا.

وقادمون يا  .... طهران.