منذ البدايات المبكرة للثورة، ونتيجة لتجرية شخصية سأكتبها لاحقاً، كنت أقول لمن حوالي أن الديبلوماسيين السوريين لن ينشقوا (كما فعل الليبيون واليمنيون) بل سيبقون في سفينة النظام حتى تغرق لاعتبارات كثيرة.
اليوم أفضل أن أعدل هذا الرأي قبل أن تعدله الأحداث بالقوة، فبفضل المساعدة غير المتوقعة من النظام، ربما نشهد انشقاقات قريبة.
ليس السبب كذب وليد المعلك وفضيحته المشهورة على الهواء، وبالتأكيد لن يكون السبب صحوة ضمير (الشرفاء)، بل السبب بكل بساطة: خطاب بشار الأسد.
في خطابه الأخير، تحدث الأسد أكثر من ساعة ونصف متفلسفاً وكاذباً بشكل أخرق، وحسب بعض وكالات الأنباء فقد استخدم خمسة عشر ألف كلمة خلال خطابه (أكثر من الكلمات المطلوبة في رسالة ماجستير في الإدارة بحوالي الربع) ولم يسلم أحد من شره وتفاهته حتى الدول العربية التي ساندته وأعطته المهلة تلو المهلة كي يستمر في قتل الشعب، وفصلت له بعثة المراقبين بالمقاسات التي يطلبها، كل ذلك لم يعن للأسد الولد شيئاً فقام بالهجوم على الجامعة ودولها جميعاً.
أفضل تعليق على الخطاب صدر من وزير الخارجية الإماراتي الذي قال أنه كان مشغولاً مع نظيره الياباني فلم يشاهد الخطاب، وعندما قرأ محتواهشكر الله أنه لم يشاهده !
كيف يساعدنا الأسد الولد بخطابه؟
وزارة الخارجية السورية عممت الخطاب على السفارات السورية وطلبت من (كافة البعثات) اعتماده لديهم، و (الاستفادة من مضمون الكلمة بالحد الأقصى)
يعني مطلوب من الديبلوماسيين السوريين في الخارج دراسة الدرر التي تفوه بها الأسد الولد واستخدامها كمراجع في حديثهم مع الدول التي يقيمون بها.
تخيلوا ديبلوماسياً سورياً فيه بقية من عقل، ويعرف أن الأسد الولد لن يقول جديداً، ماذا يفعل خلال الخطاب؟
يقفل على نفسه مكتبه بحجة أنه يريد التركيز في المعاني المهمة لخطاب السيد الرئيس، وينصرف إلى قراءة قصة أو مجلة بعيداً عن أعين المخابرات المنتشرين في السفارات.
الآن.. مطلوب من هذا الديبلوماسي أن يقتبس الحكمة من خطاب الأسد الولد، ويطعم بها خطاباته وكلماته ومراسلاته.
أليس الأسهل عليهم أن ينشقوا بدل هذا التعذيب؟؟
صورة تعميم الخارجية السورية: