* المقالة التالية بقلم أخي: مؤمن عكل استأذنته في نشرها هنا لملاءمتها لموضوع هذه المدونة.
** خوديه: يا رب باللغة الكردية، تقابل خودا بالفارسية.
أثناء خدمتي العسكرية في أواخر التسعينات كصف ضابط في الجيش "العقائدي"، التقيت بمجنّد كردي في الجماعة التي كنتُ أقودها. سأدعوهُ حسين.
بعد شهورٍ من العِشرة والعيش المشترك ومشاريع الرمي الحقيقي في الصحراء، اقتنع حسين أنني وبالرغم من كوني صف ضابط عربي حلبي بوجهٍ لا يضحك للرغيف (ساخناً كان أم بارداً فالاشتراكية البعثية ألغت الطبقية) إلا أنني - وبالرغم من كل "الإعاقات" السابقة – "آدمي" وابن عالم وناس و"خرج اتصاحب".
وتطوّر الأمر إلى نوع من "الموانة" حتى أن حسيناً كان يهتف كلّما رآني – بغفلةٍ من عيون العذال من مخبري الأمن العسكري أو المخبرين المتطوعين – قائلاً: يا خوديه..خود عرب خلّي كراد!
يقولها حسين مازحاً، لكنني أعلمُ أن المزاح ماهو إلاّ ستارٌ سكريٌّ يحجبُ مرارة الحقيقة. فحسين الممنوع من نطق اللغة الكردية داخل نطاق الجيش السوري، وحسين الذي يحسدُ - ربما – أولاد عمٍ لهُ حُرموا من "وجودهم" في وطنهم/وطننا لأنهم غير مضطرين على خدمة وطنٍ لا يعترف بهم، حسين يقولها مازحاً لكنّهُ عندما يسمعُ إجابتي (آمينْ) أراهُ يبتهجُ ويفرحُ وكأنّما التأمين العربيُّ على دعوتهِ هذه سيزيدُ من حظّهِا في الاستجابة.
اليوم تذكرت حسيناً ودعوته هذه وأنا أرى إخواننا في عامودا..وفي قامشلو..وفي عين الكراد يخرجون رافعين أعلام الوطنِ الواحدِ، قائلين لهذا النظامِ البائسِ أن خمسين عاماً من الظلمِ والقمعِ للهوية الكردية لم تنجح في خلق العنصرية والتفرقة الطائفية التي كان يسعى النظام إلى ترسيخها بين أبناء الوطن الواحد.
حسين..أخي..أذكرك اليوم بالود وأنا أرى أبناء سوريا من درعا إلى عامودا واقفين صفاً واحداً وهم يدعون: ياخوديه..خود بشّار وخلّي سوريا!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق