أعلنت الولايات المتحدة على لسان وزير
خارجيتها أنها ستقدم ما قيمته 60 مليون دولار من المساعدات للثوار السوريين ليس
فيها سلاح. وهلل الكثيرون لهذا الكرم الكيري/الأوبامي واعتبره بعضهم ستاراً لتقديم
معونات عسكرية حقيقية للثوار على الأرض.
شخصياً أعتقد جازماً أن ما أعلنوا عنه كذب –مثل
غيرهم من الأصدقاء وكثير من الأشقاء- وليس هذا استنتاجاً مني أو اجتهاداً مبنياً
على التاريخ (الناصع) للولايات المتحدة مع الحريات في الدول الإسلامية، بل هو نتاج
تجربة شخصية موثقة لدي.
في نهاية شهر يناير الماضي خرجت عائلة
سورية صغيرة من حلب إلى كيليس التركية لعلاج الأم في المستشفى هناك، ولما طال
الأمر احتاجوا إلى الإقامة في بيت يؤويهم بعد أن أثقلوا على معارفهم. ولحالتهم
المادية المتعثرة مثل كل الفارين من جحيم الأسد بدأ السوريون الموجودون في كيليس
العمل على مساعدتهم واتصل بي صديق طالباً المساهمة في استكمال مبلغ الإيجار.
كان المبلغ المطلوب أقل من ألف دولار
أمريكي فقمت بتحويله عن طريق بنكي في الرياض إلى صديق سوري في إسطنبول وكتبت في
تعليمات التحويل أن المبلغ يخص صديقنا المشترك في كيليس والذي لا يملك حساباً
بنكياً كونه من اللاجئين كذلك، وأنه للأقارب في كيليس. تعمدت كتابة التفاصيل رغم
تفاهة المبلغ لأنني سمعت سابقاً عن اعتراض التحويلات المالية التي تتم لحسابات
السوريين في تركيا والتضييق عليهم لأتجنب تعطيل التحويل وهم في حاجة إليه.
بعد أسبوع اتصل بي أحد موظفي البنك وطلب
مني المعلومات الكاملة لكل من صاحب الحساب وصديقنا الثالث، شاملة الاسم كما هو في
جواز السفر، تاريخ الميلاد، العنوان، والغرض من التحويل. ولأنني تعلمت إطاعة
الأوامر أرسلت المعلومات الكاملة لهم فوراً.
بعدها بأسبوع اتصل بي الموظف ليطلب نفس
المعلومات، أخبرته أنني أرسلتها سابقاً، فطلب إعادة إرسالها لأن البنك المراسل في
أمريكا يقول أنه لم يستلمها. طبعاً كنت قد تدبرت أمري وأرسلت المبلغ عن طريق صديق
مسافر إلى تركيا فطلبت من الموظف إلغاء الحوالة وإعادة المبلغ لحسابي، وأرسلت
طلباً رسمياً للبنك بناء على طلبه.
استغرق الأمر أسبوعاً آخر ليتصل بي البنك
طالباً معلومات إضافية تشمل العنوان في سوريا، وسبب الإقامة في تركيا، والمهنة في
تركيا للمستفيد من التحويل. عندما أخبرته بأنني ألغيت التحويل أجابني أن البنك
المراسل يحتجز المبلغ ولن يعيده قبل الحصول على هذه المعلومات. أرسلت المعلومات
مرغماً وانتظرت أسبوعاً رابعاً ليرجع المبلغ إلى حسابي –بعد أن اقتطعوا منه
أجورهم- مع رسالة واضحة تقول: ألغيت الحوالة لتعارضها مع سياسات الحكومة الأمريكية
ضد سوريا. وبالنص الإنجليزي (Conflict with US Government
Against Syria)
يعني بشكل واضح،
هم يعرفون أن المبلغ مرسل إلى المعارضين لأنه مرسل إلى تركيا وليس إلى لبنان
مثلاً، ويعرفون أنه مرسل إلى لاجئين لا يجدون ما يؤويهم أو يقيم أودهم لأنهم طلبوا
كافة المعلومات اللازمة، ومتأكدون أنه مبلغ لا يفيد شيئاً على الصعيد العسكري لو
كان الأمر ستاراً لدعم العسكرة، ومع ذلك يصرون على احتجازه وتعطيله لزيادة
المعاناة على المعارضين السوريين السلميين!!
هل نتوقع من هؤلاء
أن يدعموا فعلاً أي تحرك ضد نظام الأسد.
هم كاذبون، وهم
يدعمون نظام الأسد سراً بشكل مباشر وعن طريق حلفائهم القذرين، وسيبقون كذلك حتى
يسقط.. وهو سيسقط قريباً إن شاء الله.
(ويمكرون
ويمكر الله والله خير الماكرين)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق