الجمعة، 5 يونيو 2020

معلمو الجهل

اليوم صلينا أول جمعة في الرياض بعد ما يقارب الثلاثة أشهر من إيقاف الصلوات بسبب الجائحة، بالنسبة لي تجاوزت المدة الثلاثة أشهر لأنني فوت آخر جمعتين في سفر وحجر طوعي بالمنزل بعد العودة.
مع ما رافقها من منغصات ليس أقلها عدم التزام المصلين بالتباعد ولا بإحضار السجادة، وليس أكبرها غياب الخطيب وتأخر الصلاة حتى قام أحد الحاضرين مرتبكاً لإنقاذ الموقف بما أسعفته به ذاكرته من مواضيع متفرقة تصلح للخطبة 😉 ، إلا أنها أعادت لي الإحساس بأهمية الجمعة، لا حرمنا الله منها.
مع هذه الصلاة تذكرت ملاحظة كنت كتبتها قبل سبعة شهور بعد خروجي من صلاة الجمعة في الرياض كذلك، وكنت أنوي البحث عنها، واليوم أجد الفرصة مناسبة.
في تلك الخطبة، تحدث الخطيب عن بدعة الاحتفال بعيد المولد النبوي، كما يفعل في كل عام، محذرا المسلمين من هذا الخلل العقدي، ومؤكداً أنهم بجهلهم يحتفلون بيوم وفاته صلى الله عليه وسلم لا يوم ولادته، ثم ساق لنا بتأثر حديثاً عن وفاته عليه السلام، وكيف جاءه جبريل ليخبره أن ملك الموت يستأذن بالدخول، وأنه لم يستأذن على أحد قبله، وأن ملك الموت خيره بين البقاء في الدنيا أو الانتقال للآخرة فقال الجملة التي نعرفها جميعا (بل الرفيق الأعلى).
قبل سنوات، كنت أبكي تأثراً غندما أسمع هذه الخرافات، لكنني هذه المرة ساءلت نفسي: من روى لنا هذا الحوار بين ملكين ورسول؟
هل أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته مثلا بما كان؟ وهل يتسق مدح النفس (ولم يستأذن على أحد من قبلك) مع ما اتصف به عليه السلام من تواضع وحرص على أن لا يغالى في مقامه؟
أم أن جبريل أخبر به أحداً من الصحابة؟
طيب.. لم يبق إلا ملك الموت، ليخبرنا بما جرى!!

ولأن الأشغال كثيرة لم أبحث حينها، ثم بحثت اليوم لأجد حديثاً محكوماً بعدم صحته عند أهل الحديث، ومع ذلك يتداوله الخطباء على المنابر ويغرسوا في الناس جهلاً مركباً فيما هم يحرصون على تحذيرهم من (بدعة) الاحتفال بمولده عليه السلام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق