الخميس، 15 مارس 2012

عام على الثورة

قبل عام من الآن، كنت في مصر مع بعض الأحباب من ثوارها نحتفل بنزول المجلس العسكري عند رغبة الثوار، وتكليف عصام شرف برئاسة الوزارة.
يومها سألني بعضهم – ممن يتابعون الشأن السوري – هل أتوقع تظاهرات بحجم كبير في الخامس عشر من آذار (مارس) الذي دعا إليه الناشطون، وصفحة الثورة السورية؟
إجابتي كانت محبطة لهم، قلت لهم أن عدد المشتركين في صفحة الثورة بضع مئات معظمهم من خارج سوريا. قلت لهم أن تجربة الرابع عشر من شباط (فبراير) من نفس العام، والذي دعا فيه بعض الناشطون إلى اعتصام بالساحات ولم يلقوا أي تجاوب تثبت أن تحريك الشارع السوري المثقل بالخوف مسألة شبه مستحيلة.
أضف إلى ذلك تغول جهات الأمن وضرباتها الاستباقية لكل محاولة للاعتراض عليها، كما فعلوا مع المهندس غسان النجار الذي كان دعا إلى اعتصام شباط، فاعتقلوه قبل الموعد كي يمنعوا أي احتمال لإثارته حماسة الشباب.
كنت صريحاً عندما قلت أننا في سوريا يوم 15/03/2011 من ناحية الوعي بحقوق الإنسان، وإمكانية وجود أشخاص فاعلين ومؤثرين في المجتمع وقادرين على تحريك الشارع، كان يمكن مقارنتنا مع مصر في النصف الثاني من عهد السادات، أي ما بعد عام 1975، وبمعنى آخر، كنا نحتاج إلى خمسة وثلاثين عاماً كي نصل إلى المرحلة التي بلغتها مصر بخلع مبارك، ولو أخذنا في الاعتبار العامل المحفز الثوري المتمثل في نجاح تونس ومصر، وانطلاق ليبيا واليمن، فربما يلزمنا خمس إلى عشر سنوات كي يتحرك الشارع السوري.
قبل عام من الآن، وقف عشرات الأبطال في قلب دمشق، وأخرجوا لنا أول صورة حية من داخل سوريا لمظاهرة تهتف للحربة بشكل واضح لا مداورة فيه كما حصل في الحريقة قبلها بأيام، خرجت المظاهرة المتواضعة فأحيت في نفوسنا شعلة الأمل بشعبنا.
قبل عام من الآن تجمع عشرات الأبطال أمام وزارة الداخلية بدمشق، فجن جنون الطاغية وانطلق يعتقل ويضرب ويهدد، ومر اليوم السابع عشر من آذار بسلام، وبدأ بعض من حولي ينظرون إلي شامتين قائلين: ألم نقل لك؟ الوضع في سوريا مختلف عن مصر وتونس، وستندم أنت ومن وقفوا ضد النظام.
قبل عام من الآن، خرج أهالي درعا الأبية يهتفون هتافهم الذي يكتب تاريخ سوريا الجديدة: الموت ولا المذلة، وانطلقت قلوبنا تحفهم وتهتف معهم وتدعو لمؤازرتهم.
قبل أقل من عام، كانت الجزيرة لا تغطي من أخبار سوريا إلا أقل القليل، وعندما وسطنا بعض أصحابنا المتصلين بمديرها أخبرونا أنه لا يملك أن يفتح الهواء للتغطية بشكل كامل نتيجة لضغوط عليه تهدف إلى منح الأسد فرصة لتدارك الوضع ومعالجة الثورة قبل أن تمتد.
وماذا كانت النتيجة؟
أصبح مؤيدو الثورة بمئات الالوف، والمتعاطفون معها مثلهم، والعالم كله يشاهد ما يجري لشعبنا، وهم وإن كانوا يتفرجون الآن، سينتهي بهم الأمر بمؤازرتنا، لأن الساقط لم يترك له صديقاً، ومن يتاجرون به يدركون قرب مصيره المحتوم، وهم اليوم إلى بيعه أقرب منهم إلى الوقوف بجانبه.
لمن يتساءل: ماذا بعد؟
أقول:  قد يقتلون منا الآلاف، وقد يدمرون اقتصادنا، وقد يتآمر العالم علينا، فيزرع الفتن بين الشخصيات المعروفة بنضالها مع الثورة، وقد يخرج علينا متفلسفون ومخذلون، لكن الحقيقة الوحيدة أن هذه الثورة انطلقت بعون الله وسوف تستمر بتوفيقه حتى سقوط الطاغية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق