أرسل لي أحد الأصدقاء أبياتاً ذكرتني بموقف مع والدي رحمه الله.
لم أكتب عن وفاة والدي طوال السنوات الماضية، حين يكون الألم كبيراً يصعب التعبير عنه بالكلام.
أذكر أنني لم أبك بعد وفاته، استمرت حالة الجمود فترة طويلة، ثم .. في ليلة أطلت فيها البقاء في المكتب انطلقت بسيارتي نحو البيت، وتذكرت أنه رحمه الله كان يحب التجول في ليل الرياض، فإذا مر أمام مكتبي ورأى سيارتي اتصل بي يطلب مني الذهاب إلى بيتي، والاعتناء بصحتي.
أمسكت بالجوال وطلبت رقمه، رغم أن شريحة الهاتف في جيبي، وحين سمعت الرسالة تعلمني أن الجوال مقفل انفجر الحزن كله والبكاء كما لم أبك من قبل.
اليوم، رددت على صديقي بهذه الحادثة قبل وفاة والدي رحمه الله بأسبوعين:
عندما مرض أبي رحمه الله مرضه الذي توفي به، بدأ العلاج، ثم أعطاه الأطباء فترة راحة أسبوعين من العلاج الكيماوي لمراقبة التحسن، فطلب مني الذهاب للعمرة، في الطائرة سألني إن كنت أحفظ (إلهنا ما أعدلك)، فأسمعته ما أحفظ منها .. ثم قلت له، ما دام أبو نواس خطر ببالك، مر علي بيتان له من أجمل ما قرأت، لم أكن سمعتهما من قبل:
أنا مذنب، أنا مخطئ، أنا عاصي
هو راحم، هو غافر، هو كافي
قابلتهن ثلاثة بثلاثة
ولتغلبن أوصافه أوصافي
استعادني البيتين حتى حفظهما، وسمعته يرددهما عدة مرات في تلك الرحلة
رجعنا من العمرة إلى المستشفى، وتوفي رحمه الله بعدها بأيام.
اللهم ارحم من غادرنا من والدينا، واجزهم عنا خير الجزاء، واغفر لنا تقصيرنا في حقهم، واجمعنا بهم في مستقر رحمتك
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق